مسرحية تجسد فيها كلمة مخدرات على حقيقتها شخصيا اعجبتني كثيرا
ارجو ان تعجبكم
مخدرات تجيبه وحالة من الثقة المصطنعة تبدو عليها :سيدي القاضي ألم تسمعه وهو يعترف أمام حضرتكم بأنني قدمت له السعادة ابتداء ,جعلته يرحل بعقله عن هذا الواقع المر ,ثم يا سيدي القاضي أليس من العدل أن تأخذ بعين الاعتبار ما قاله من أنني لم اجبره على التعامل معي ,هو من أتاني (تصمت برهة)ثم تقول : ثم فلنفترض جدلا أنني أجبرته المرة الأولى مثلا أليس من الواجب عليه أن يعالج نفسه وبالأخص أن الدولة حفظها الله ورعاها(تبتسم سخرية)تنفق على أمثالك من المدمنين مئات آلاف الدنانير . كما أن الشرطة في خدمة الشعب ألا تقولون ذلك انتم البشر!فلماذا لم يبلغ عنّا منذ البداية (تضحك بسخرية مواصلة حديثها ).
طبعا سيدي القاضي الإجابة واضحة وهي عدم إرادته لذلك لأنه يؤمن أنني منحته الحياة كما وعدته , وما حصل مجرد خطأ . خطأ عادي .وكلنا نخطئ في قانونكم وقانوننا .
ينفعل جابر مقاطعا مخدرات: يا فاجرة هذا الخطأ العادي كلفني حياتي ,كما أنك تعلمين أنني ما كنت قادرا على تركك لان لا عقل لي فقد سلبته حبوبك وحقنك . وما كان يشغلني سوى أن أسعى لتأمين ثمن الجرعة ,لا بأس كيف ومن أين المهم أن أتعاطى .
فكري ,وعقلي ,أهدافي ,وطموحاتي انحسرت في الانشغال بالصنف القادم الذي يفوق السابق قوة.
فلا تدعي البراءة وتقولي بأن هدفك هو تحقيق السعادة لنا ,فليس هذا ورب الكعبة ما تسعين له ,فهدفك هو تدمير عقول الشباب وسلب عقولهم حتى لا يفكروا في استرداد ما سلبه من أرسلوك إلينا ظلما وعدوانا ,ورصيدك في البنوك العالمية اصدق دليل على ذلك .
ويبدو الحضور والقضاة متعاطفين مع جابر مما يربك مخدرات .
وفي أثناء ذلك تنزل ستارة المسرح لتعلن الدخول في الفصل الثاني :
غادر القضاة قاعة المحكمة للتشاور, ومخدرات في قفص الاتهام عاجزة عن إخفاء معالم الخوف والارتباك تهز رجليها وتفرك يديها وكأنها تتأمل بحبل نجاة بدلا من حبل السجان الذي سيقودها للمحرقة .
أما جابر فيبدو في حالة غريبة حيث تشترك كل المشاعر في الظهور على وجهه وكأنها تتصارع على ذلك فتارة تراه مبتسما وتارة خائفا وتارة تعانق وجهه دموع حزينة وكأنها تودع تلك الخدود السمراء قبل أن تفترسها التقرحات الناجمة عن فيروس الايدز .
وأمام تلك المشاعر الحائرة ينتظر الحضور حكم القاضي الذي يدخل المحكمة فيقوم له الحضور ثم يجلس وينظر إلى مخدرات ثم يسألها :مخدرات هل أنت مذنبة ؟
(فتعلو صرخات الحضور هي مذنبة, أحرقوها , أحرقوها ).
وأمام تلك الصرخات المشتعلة غضبا تكاد مخدرات تنهار لتقول:اعترف بأنني مذ…
لكن قبل أن تكمل اعترافها تدخل جماعة غريبة الأطوار قاعة المحكمة يلبسون ثيابا تنازع في شدة سوادها قسوة قلوبهم ملامحهم لا تدل على الخير والسلام.
يوزعون أنظارهم على مختلف الأشخاص في القاعة غير أنها لا تعبر سوى عن الكره والاحتقار للجميع وكأن كل من في القاعة عبيد مستضعفون عند أولئك الغرباء.
وهكذا تقدم أولئك الغرباء نحو القاضي وبلهجة تختلط فيها السخرية مع التهديد قالوا له :هي مذنبة وإن استطعت فعاقبها ولكن لا تنسى أن ذلك سيكلفك سلطانك وحياتك .
أما مخدرات فقد انفجرت ضحكا ثم قالت : كنت اعرف أيها السادة أنكم لن تتركوني وحيدة وانتم من بعثني إليهم.
فأقبل عليها كبيرهم وطبطب على كتفها قائلا : اطمئني عزيزتي.بالطبع ما كنا لنتركك وقد حققت لنا هذا الإذلال والتدمير لشبابهم فأنت جعلت حياتهم وكرامتهم وأموالهم بل حتى أحلامهم وطموحاتهم بين أيدينا .
ثم تطلق من أفواههم جميعا ضحكة شماتة قوية:ههههههههه
ثم وقف الضحك فجأة لينظر هذا الكبير إلى القاضي قائلا له : ما حكمك أيها القاضي ؟
فيجيب القاضي:لك الحكم يا سيدي فاكتب حكمها بيديك لأوقع عليه وإن شئت بصمت لك بالعشر لكن أرجوك أن لا تحرمني من مالي وسلطاني .
فابتسم القاضي مغترا ودفعه جبن القاضي لان يزيد على براءة مخدرات بأن أعلن أن جابر مذنب باعتباره قد تعرض لمخدرات بالشتم والذم كما انه تدخل في حريات المدمنين وسعى لتشويه صورتهم .!!
وفعلا فك وثاق مخدرات التي أدبرت خارجة ورفاقها من قاعة المحكمة غير أن الله العادل الذي أبى إلا أن يسود الخير هذا الوجود ,يمنح جابراً قوة تدفعه للثورة على قيود العساكر بل وقيود الخوف والجبن التي جبل عليها الكثيرون من أبناء جيله, ثورة قادته لأن ينتزع خنجرا من احد العساكر, ويسرع فلا يسكن حتى يراه مغروساً في ظهر تلك المجرمة ,ثم صدرها, ثم بطنها .
ثم يندفع الغرباء هاربين تاركين وراءهم عجزا عن قتل بطولة تلك الأمة ورجولة وصلابة شبانها.
في ذلك الحين تدب الحماسة المتوهجة في قلوب جمهور المحكمة, الذي يشبك يدا بيد ويتقدم أماماً متجهاً إلى الغرباء, ثم ينقضون عليهم وكأنهم نسر جارح يتعطش شوقا للفريسة.وما هي إلا لحظات حتى تفارق الأنفاس أجسادهم النجسة معلنة تحررها من تلك الأرواح الشريرة .
وهكذا تمكن جابر بعد كل هذا الظلم من كسر قيد الخوف في داخله ربما سيكون الدور لاحقا على عاتقكم فإما أن تكونوا أحياء أو أمواتا ,حكاما أو محكومين .
وحتى وإن كان الزمان الذي تعيشونه هو زمان الصمت فلا ترضى إلا أن تكون أول صرخة حق تصدع في جنباته
[right]